الأحد، 14 يوليو 2019

مراجعة رواية: القوزاق.. لليو تولستوي




عدد الصفحات: 255
النوع: رواية
لغة القراءة: العربية
لغة الأصل: الروسية
التقييم: 4/5


انتهيت للتو من قراءة “القوزاق”، واحدة من روايات تولستوي الأقل شهرة، والتي استلهمها من رحلاته إلى القوقاز على ضفة نهر تيريك.

يقال إن تولستوي كتبها في عشر سنوات واضعًا لها عشر نهايات مختلفة. بعد أن قرأت الرواية شعرت أن تردده هذا مبرر؛ فالرواية تطرح أسئلة فلسفية كبيرة يصعب الإجابة عنها؛ حتى إن كان لك عقل كعقل تولستوي.

أولنين هو شاب ضائع من موسكو، التحق بالجيش الروسي وقرر الذهاب إلى القوقاز لينال المجد العسكري والشهرة. لكن سرعان ما يلين طبع أولنين متأثرًا بجمال الطبيعة هناك، وبساطة عيش القوزاق ويسر حياتهم. يود أولنين لو استطاع أن يترك أمجاد موسكو، ويقطع علاقاته بمعارفه النبلاء؛ ليتحول إلى رجلٍ بسيط من أهل القوزاق، يصطاد الحيوانات البرية ويقوم بحملات سطو على أهل القرى المعادية، ويتزوج من امرأة جميلة من القوزاق. لكن الأمر ليس بهذه السهولة.



الزي التقليدي لقوزاق نهر التيريك: الرجال في قبعات مرتفعة ويحملون سيوفًا، والنساء تلبس ثياب بألوان زاهية فوقها رداء آخر، وخمار فوق رأسها تسدله في وجود الرجال الغرباء. (الفنان غير معروف).

لا تتغير طموحات أولنين فقط، بل أيضًا فلسفته في الحياة. يدرك أولنين فجأة أن السعادة ليست في تحقيق رغبات المرء والسعي وراء نزواته، بل في حب الأخرين والتضحية من أجلهم، ومن خلال هذا فقط يدرك المرء السعادة. يعمل أولنين جاهدًا ليلتزم بفلسفته الجديدة، لكن بالطبع الكلام أسهل من الفعل، وبالطبع يتضمن الأمر امرأة. فماذا يحدث لفلسفته النبيلة عندما يقع في الحب؟


امرأة من قوزاق نهر التيريك. (الفنان غير معروف). 


تُختبر مبادئ أولنين الجديدة عندما يجد نفسه في مفترق طرق، ما بين التضحية لأجل سعادة الآخرين، أو السعي وراء سعادته هو مهما كلفه الثمن. هذا الصراع يبدأ في النصف الأخير من الرواية، لذلك قد يرى القارئ أن الجزء الأول رتيب بعض الشيء. عليّ أن أعترف أن لغة تولستوي في وصف الطبيعة والحيوانات قد أصابتني ببعض الملل في البداية.

لاحظت أن بطل الرواية، أولنين، يشبه تولستوي نفسه في شبابه. لقد كان تولستوي أيضًا واحدًا من نبلاء الروس ونشأ في ثراء ووضع اجتماعي متميز. كذلك كان تولستوي طائشًا بعض الشيء في شبابه، يجري وراء نزواته بلا اكتراث للعواقب. لكنه، مثل بطلنا، كان ذا حسٍ رهيف جعله فيما بعد تولستوي الذي نعرفه، الزاهد المتعبد في شيخوخته.

وأخيرًا، سررت كثيرًا بترجمة الدكتور سامي الدروبي، عملاق نقل الأدب الروسي للعربية. لا تسعفني الكلمات للتعبير عن امتناني لهذا الرجل! 


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق