الجمعة، 24 ديسمبر 2021

إذن أنت تريد أن تتحدث عن العرق: مراجعة

 

الكتاب: إذن أنت تريد التحدث عن العرق
الكاتبة: إيجيوما أولو
اللغة: الإنجليزية
صيغة القراءة: كتاب صوتي
التقييم: 4/5

مرحبًا. منذ اندلاع حركة black lives matter المهتمة بقضايا الأقليات ذات البشرة السوداء في الولايات المتحدة، وأنا أريد أن أعرف المزيد عن مشكلة العنصرية في الغرب. في الغرب، عادة ما يكون موضوع العرق موضوعًا حساسًا، يتناوله البيض والسود على حد سواء بكثير من الحذر. 

إيجيوما أولو هي كاتبة وناشطة أمريكية في مجال الدفاع عن الأقليات العرقية. هذا الكتاب هو مجموعة من المقالات، تشرح فيها أولو بعض المفاهيم التي يغفل عنها الناس عند التحدث عن العرق والعنصرية. أسلوب كتابة أولو حاد، جريء، وغاضب في كثير من تلك المقالات، لكن هذا هو المطلوب تمامًا: أن يعِ المتلقي أن ليس من السهل الكتابة عن العنصرية بواسطة شخص يتعرض لها بشكل شبه يومي.

تابعت أحداث حملة black lives matter عند بداية اندلاعها في الولايات المتحدة، وعندها رأيت الكثير من "البيض" يقولون إنهم يحاولون أن يثقفوا أنفسهم فيم يتعلق بهذا الأمر. وقتها وجدت الأمر غريبًا وسألت نفسي: تثقف نفسك حيال ماذا؟ هل عليك أن تقرأ كتابًا لتدرك أنه من الخطأ استهداف الأقليات، أو الوصول إلى افتراضات عن الأشخاص بناء على لون بشرتهم؟ لكن، في الحقيقة، الإجابة هي نعم: ربما عليك أن تقرأ كتابًا أو اثنين بواسطة كتاب من أصحاب البشرة السوداء، وحينها فقط قد تتفهم أن أبعاد المشكلة تتخطى فكرة أن هناك أشخاص سيئون يحكمون على الناس من خلال لون بشرتهم.

أعجبني في الكتاب شرح أولو لمسألة التقاطعية intersectionality. التقاطعية تعني أن نأخذ في الاعتبار أن هويتنا لا تتشكل فقط ببعد واحد من أبعاد شخصياتنا، كاللون مثلا، بل تتشكل تجاربنا الشخصية من خلال تقاطع كثير من الأبعاد. على سبيل المثال، عندما تتعرض امرأة شرق أوسطية مسلمة للتميز في مجتمع غربي، عندها ينبغي أن نأخذ في الاعتبار ليس فقط كونها امرأة، ولا شرق أوسطية، ولا مسلمة؛ بل كل ما سبق. وقد تختلف تجربتها اختلافًا شديدًا مع رجل شرق أوسطي مسلم.

تعلمت أيضًا من هذا الكتاب أهمية الحديث عن الاستحواذ الثقافي cultural appropriation. تشير هذه الكلمة إلى استحواذ الثقافة السائدة على بعض العناصر من ثقافة مقهورة أو مهمشة. على سبيل المثال، وجدت اليوجا منذ آلاف السنين في شبه القارة الهندية، لكنها لم تصبح "تريند" إلا عندما طبقها الغرب كرياضة روحانية. ذكرني ذلك بتجربة لي في بولندا، حيث ذهبت مع جماعة من الأصدقاء العرب إلى مطعم يُقدم أكلات فلسطينية تقليدية، ثم ما لبثت أن اكتشفت أن المطعم في الواقع إسرائيلي، ويروّج الطعام والزي التقليدي الفلسطيني كتراث إسرائيلي. مثل هذه المحاولات منتشرة جدًا في أوروبا، فترى مثلًا مطاعم الفلافل (طبق رخيص للغاية ومشهورة في مصر والشام) يقدم هذا الطبق بواسطة أوروبيين يبيعونه لك مع تسميته vegan، فتدفع فيه أضعاف تكلفته الحقيقية. هذا ما يعنيه الاستحواذ الثقافي، وهو يختلف كل الاختلاف عن أن تطبخ السباجيتي بولونيز في مطبخك لأنك تحب الأكل الإيطالي، مثلًا. 

على كل حال، أنصح بهذا الكتاب لمن يريد أن يعرف كيف يصير إنسانًا أفضل. يمكن تطبيق المبادئ المذكورة هنا على الأقليات بشكل عام، حتى وإن لم يكونوا من أصحاب البشرة السمراء. 

الأربعاء، 22 ديسمبر 2021

وداعًا يا فيتامين: مراجعة

الكتاب: Goodbye, Vitamin
الكاتبة: Rachel Khong
اللغة: الإنجليزية
التقييم: 4/5

مرحبًا. منذ أن انتقلت إلى مدينتي الجديدة وبدأت وظيفتي التي تضرني إلى قضاء 40 دقيقة في المواصلات ذهابًا ومثلهن إيابًا، منذ ذلك الحين وأنا أخيرًا لدي الوقت الكافي لكي ألتهم كتبًا كانت مؤجلة على قائمتي منذ زمن. رواية "وداعًا يا فيتامين" كانت على قائمتي لسبب لا أتذكره الآن، لكني ما إن بدأتها حتى صرت أجد نفسي كل يوم متشوقة لركوب القطار لأتابع تطور الأحداث. 

بطلة الرواية، "روث"، هي امرأة اقتربت من الثلاثين. مازالت تعيش تخبط حياة العشرينات الذي نعرفه جميعًا: وظيفة غير مرضية، علاقات عاطفية فاشلة، وعلاقة متوترة بأبويها وصديقتها المفضلة. تبدأ الرواية بحدثين يهزان أي استقرار في حياتها هزًا شديدًا: ينفصل عنها خطيبها الذي كانت تربطها معه علاقة امتدت لسنوات طويلة، ويصاب والدها بالزهايمر. تضطر روث إلى ترك مدينتها ووظيفتها للانتقال للعيش مع والديها، بعد أن صارت أمها غير قادرة على العناية بالأب وحدها.

نعيش مع "روث" إعادة اكتشاف كيف يكون العيش مع الأبوين مرة أخرى. أعتقد أن كل من استقل للعيش بعيدًا عن أسرته لوقت من الزمن سيرى هذا الكتاب دقيقًا حقًا في وصف مشاعر العودة للمنزل، وكيف تتغير رؤيتنا لأبوينا عبر الزمن، من كائنات خارقة مثالية، إلى مسببات لقمع الحرية، وأخيرًا إلى بشر عاديين وغير عاديين في الوقت ذاته.. بكل ما يحملونه من عيوب وانتصارات ومزايا وندوب. 

تحاول روث بكل ما في وسعها أن تمنع سقوط والدها نحو هاوية الزهايمر. تعتني بحميته الغذائية وبصحته العقلية. وبعنايتها به، تعيد اكتشاف نفسها أيضًا، ومدينتها القديمة في نفس الوقت. 

الرواية دافئة وحميمية جدًا، مع لمسة من الدعابة الساخرة التي راقت لي كثيرًا. هناك روايات تحاول أكثر من اللازم أن تكون مضحكة، فينتهي بها الأمر سخيفة وغير مسلية. هنا جاءت النكات لطيفة وغير مصطنعة. أنصح به كقراءة سريعة خفيفة ومؤثرة في نفس الوقت. 

اقتباسات:
"أتعلم ما الأمر غير العادل في علاقتي بجويل؟ أنه أنا من قامت بإرخاء الغطاء عن قلبه، لكي تكشفه امرأة أخرى."

"منذ زمن طويل، توقفت عن التساؤل عن سبب كثرة الأشخاص المجانين. ما يدهشني الآن هو كثرة العقلاء."

"أعتقد أنه لا يهم من منا يتذكر أي شيء، المهم أن هناك أحد ما، يتذكر شيئًا ما."

"يا لنا من أوعية غير مثالية لحمل الحب، ويا لنا من أشخاص غير مثاليين لإعطاؤه. يدهشني أن السبب الذي نهتم من أجله بشأن أحدهم، ليس له أي علاقة بالشخص ذاته؛ بل له علاقة بمن نحن عليه بينما نكون مع ذلك الشخص، أي ما نشعر تجاهه."

"يخبرك عقلك بمن أو ماذا تحب، ثم تقع أنت في حبه، لكن أحيانًا لا يقول لك عقلك شيئًا: أحيانًا يتلاعب بك عقلك، وأحيانًا هو أسوأ ما يمكنك سماع كلامه على الإطلاق."

"تبدأ العلاقات بمشاركة الأشياء، وتنتهي العلاقات بعدم مشاركتها."


الأربعاء، 15 ديسمبر 2021

تدوينات صغيرة #19

قد تكون أغنية "على حسب وداد" أشهر أغاني حليم وأنجحها، لكني دائمًا أتوقف عندها مندهشة من عبقرية مزج التضادين: اللحن شديد البهجة، ولكن الكلمات في المجمل حزينة حقًا: "رح آقول للزين سلامات .. ضيعت عليه العمر يابويا.. واهي دنيا بتلعب بينا.. إلخ". لكن سرعان ما أفهم لماذا يناسبها اللحن البهيج: دائمًا ترتسم ابتسامة بلهاء على وجهي عند سماع البيت الأخير: "ونغني أغاني جديدة، مليانة حكاوي سعيدة، وهنغزل ثوب الفرحة يابويا، وأقول يا حبيبي سلامات"، فأفهم ما كان يدور في ذهن بليغ، البليغ حقًا.