الأربعاء، 28 أكتوبر 2020

سيدة الزمالك: مراجعة


الكتاب: سيدة الزمالك
الكاتب: أشرف العشماوي
لغة القراءة: العربية
الصيغة: كيندل
التقييم: 4/5

مرحبًا مرة أخرى. بعد عدة شهور من التردد والقراءة البطيئة، انتهيت أخيرًا من "سيدة الزمالك" لأشرف العشماوي. كدت أترك الكتاب أكثر من مرة، لكنني سعيدة لأنني قررت استكماله، فالرواية فاقت توقعاتي لحسن الحظ. 

يسرد لنا العشماوي قصة "عباس المحلاوي"، الذي جاء من أحد قرى الدلتا لكسب الرزق في الإسكندرية. يتعرف هناك على مجموعة تخطط للاستيلاء على فيلا الخواجة "شيكوريل" في الزمالك، ومن هنا تبدأ رحلة صعود عباس عبر الاحتيال أحيانًا والتملق والمداهنة أحيانًا أخرى. 

بعد أن يستقر عباس في الزمالك، يجلب أخته زينب من قريتهم لتعمل معه. وهنا تبدأ موازين القوى في الاختلال، فبعد أن كان عباس هو الآمر الناهي فيما يتعلق بمصالحه، تبدأ زينب تدريجيًا في فرض سيطرتها على أعمال وأملاك أخيها. 

نتابع من خلال الرواية أيضًا تطور المجتمع المصري من العشرينات وصولًا إلى ثورة يوليو، وهي تطورات هائلة! على الصعيد السياسي والاجتماعي على حد سواء. كثيرًا ما وددت أن أتعرف على مصر في هذه الفترة بشكلٍ أعمق، خاصة من الجانب الاجتماعي، وأعتقد أن هذا الكتاب كان موفقًا جدًا من هذه الناحية.

لعل العيب الوحيد للكتاب هو بطء سير الأحداث في النصف الأول تحديدًا، وهذا بالضبط ما جعلني أتردد في تكملته. مع ذلك، أحببت كثيرًا وجود راوٍ مختلف لكل فصل، فكان من الممتع رؤية الأحداث من وجهة نظر أبطال القصة. 

إذن فمن هي سيدة الزمالك؟ من الأفضل أن تقرأ لتعرف! ففي رأيي، لم تكن الشخصية الرئيسية هي عباس، ولا زينب، بل هي شخصية أخرى دفع بها القدر نحوهما. 

اقتباسات

 «مكبل بطموحاتي كتمثال وسط ميدان خالٍ من المارة، تنقر الشمس رأسه كل صباح».

«كلانا تعذّب بقدر ما أراد مسارًا لحياته، كلانا بحث عمّا ظن أنه ينقصه فلم يجد سوى ما يُشقيه».

«فليذهب كل منّا في اتجاهه، أنا نحوكِ وأنتِ نحوي».

«لم أفقد عقلي بعد، وإن كنت أرقد باستهتار غير عابئ على حافة الجنون».

«احنا عايشين في جمهورية القصر العيني العربية، كل شوية يجيلك واحد لابس بالطو أبيض ويقولك أنا الدكتور، أنا عارف مرضك كويس وأنا حاعالجك بطريقتي، ويجرب فيك وتاخد أدوية غلط وتمرض أكتر ويزيد وجعك لغاية ما تموت، وغيرك يشكره ويصقف له، وبعدين ييجي الدور عليهم ويطلع غيرهم وهكذا، وحوالين كل دكتور جيش كبير من تمرجية وصبيان وبياعين عطارة ودجالين وسحرة بتعابين، وشوية موظفين بختم النسر لزوم إن الصورة تكمل وتحس إنك في مستشفى بحق وحقيقي وبرضه بنموت! عارف كل ده بيحصل ليه يا طارق؟  لأنه مش دكتور ولا بيفهم في الطب!!».

«هناك أفعال تأتي في غير موعدها مثل قُبلة اعتذار على جبين ميت».


الأحد، 25 أكتوبر 2020

الحب وقصص أخرى: مراجعة

 


الكتاب: Love and Other Stories
الكاتب: أنطون تشيخوف
لغة القراءة: الإنجليزية، مترجم من الروسية
صيغة القراءة: كيندل
التقييم: 5/5


مرحبًا. من على ارتفاع حوالي عشرة كيلومترات، وعلى متن طيارة تعبر المتوسط، انتهيت أخيرًا من مجموعة القصص القصيرة لتشيخوف، المقدمة من مشروع جوتنبرج، وكالعادة يتركني تشيخوف ببسمة على شفتاي وكثير من الأسئلة في ذهني. 

يجب علي التنويه أولًا بأن تشيخوف هو كاتبي المفضل (على الإطلاق)، لذلك سيشوب هذه المراجعة بعض التحيز! تعرفت على تشيخوف لأول مرة منذ 6 سنوات تقريبًا، ومنذ ذلك الوقت لم أتوقف عن قراءة أعماله. ولكن، مما يعيب المكتبة العربية هو عدم وجود ترجمة لكل أعماله! ربما كانت أشهر الإصدارات هي مجموعة الأعمال المختارة من إصدار دار الشروق وترجمة الراحل الدكتور أبو بكر يوسف، لكن مع ذلك ينقصنا الكثير من الأعمال الشهيرة.

في الفترة الأخيرة، بدأ الاهتمام بترجمة الأعمال الأخرى، وكنتُ في العام الماضي قد أشدت بترجمة قصة "نصر لا لزوم له" للمترجمة هبة حمدان، تجدون التدوينة هنا.

ومن الأخبار السارة أيضًا صدور قصص جديدة تترجم لأول مرة من قبل مترجم شاب، تصدر قريبا من دار خطوط للنشر.

لنعد إلى الكتاب: لعل أكثر ما يميز هذه المجموعة القصصية هو تنوعها في الطول وفي الموضوع والمزاج، فبعضها ساخر مرح (كأغلب أعمال تشيخوف)، والبعض الآخر حزين نوعًا ما، لكنها لا تخلو من معنى. ليس تشيخوف بالكاتب الذي يثير مشاعرك لمجرد استعراض أدواته التعبيرية، بل هو ينقل لك عبرة، أو على الأقل يحاول. 


كانت قصة "Lights" من أجمل القصص الواردة في الكتاب، تناقش بعض الأفكار العدمية التي يتبناها بعض الشباب بدون وعي حقيقي. هنا اقتباسات منها:

"عندما يجد الرجل نفسه في مزاج كئيب، وهو بينما ذلك أمام البحر أو أي مشهد يبدو له عظيمًا، فإننا نجده دومًا وبسبب ما، يقتنع بأنه سوف يعيش ويموت في غموض، فإذا به، بدون وعي، يأخذ قلمًا رصاصيًا ويكتب اسمه على أول شيء يجده أمامه".

"إن سيطرة المنطق على العاطفة قد أصبحت ظاهرة غامرة في أوساطنا، إن الأحاسيس المباشرة، الإلهام، كل شيء أصبحنا نضيق عليه الخناق بالتحليل ضيق الأفق. وحيثما توجد العقلانية، لا بد أن يوجد البرود، والأشخاص الباردون - كما نعرف جميعًا - لا يعرفون شيئًا عن العفة. إن فضيلة العفة يعرفها فقط أولئك الدافئون، الرقيقون، القادرون على الحب."

"والآن عبر معاناتي، أدركت أنني ليس لدي لا قناعات ولا معيار أخلاقي ثابت، ولا عاطفة ولا منطق؛ وأدركت أن ثروتي المعرفية والأخلاقية كلها تكونت من معرفة بعض الخبراء، واقتباسات، وذكريات عديمة النفع، وأفكار لأناس آخرين، ولا شيء غير ذلك."

ونرى سخرية تشيخوف من النظام الذكوري للمجتمع الروسي في ذلك الوقت في قصة A Pink Stocking، فالزوجة بسيطة التعليم تواجه زوجها دائم السخرية من جهلها:

"أنت غاضب لأنني لستُ متعلمة، وفي نفس الوقت أنت تكره النساء المتعلمات! أنت منزعج لأنني لا أجد أفكارًا أكتبها في رسائلي، ومع ذلك أنت تعترض على تعليمي!"

وغيرها الكثير. في النهاية، أتمنى حقًا أن تصدر ترجمة كاملة لكل أعمال تشيخوف بالعربية، ولعلنا الآن محظوظون بحركة الترجمة المبشرة التي يقوم بها مترجمون شبان.

الأحد، 11 أكتوبر 2020

وكل صباح يصبح طريق العودة إلى المنزل أطول فأطول


مرحبًا. انتهيت للتو من قراءة And Every Morning the Way Home Gets Longer and Longer، رواية قصيرة لفريدريك باكمان، الكاتب السويدي المعروف صاحب الرواية الأكثر مبيعًا: رجل يدعى أوف.

لباكمان طريقة مذهلة في رسم مشاعر كبار السن. لا أعرف حقًا كيف يفعلها وهو في الثلاثينات من العمر. كما أبدع في تصوير مراحل العزاء والحزن في "رجل يدعى أوف"، يبدع هنا أيضًا في سرد علاقة جد وحفيد وابن، وكيف تتداخل ثلاثة أجيال عندما يصاب الجد بالزهايمر. 

ليس لدي ما يقال غير إن هذا الكتاب كان رائعًا. لا مراجعة هذه المرة، فقط اقتباسات، أحاول ترجمتها لكم هنا:

"كانت لديها أقوى المشاعر التي رأيتها في أي إنسان. عندما تغضب يمكنها أن تخيف رجالًا أقوياء، وعندما تفرح.. لا يمكنك الاختباء من فرحتها، يا حفيدي العزيز. لقد كانت قوة من قوى الطبيعة. كل ما أنا عليه الآن، هو بسببها. لقد كانت هي انفجاري العظيم".

"لطالما عرفت من أنا معكِ. لطالما كنتِ أنت طريقي المختصر."

"لقد عشنا سويًا حياةً عادية بشكل مذهل."

"حياةً مذهلة بشكل عادي".

"أنا غاضبة لأنك تعتقد أن كل شيء هو محض صدفة ولكن هناك مليارات من البشر على هذا الكوكب ومع ذلك قد وجدتك أنت، فلو قلت لي أنه كان من الممكن أن أجد شخصًا آخر، إذن فأنا لا أطيق علم الرياضيات اللعين هذا!"

كانت يداها مقبوضتين. وقف ينظر إليها لعدة دقائق، ثم قال إنه يحبها. كانت تلك أول مرة. لم يتوقفا عن الشجار قط، ولم يناما قط مفترقين. قضى هو حياته كلها يحسب الاحتمالات، وكانت هي أكثر شخص من غير المحتمل أن يلقاه، وقد قلبت عالمه رأسًا على عقب."

"تضحك هي، بعينين طاعنتين في السن وضوء شمس نهار جديد، ويتذكر هو كيف كان شعور الوقوع في الحب."
"كأنني أقرأ كتابًا باستمرار وينقصه صفحة، وهي دائمًا الصفحة الأهم."
"إنه كونٌ أكبر من أن نغضب منه، وحياةٌ طويلة نحتاج فيها إلى الرفقة."
"أعرف أن طريق العودة إلى المنزل يصبح أطول فأطول كل صباح، لكنني أحببتك لأن عقلك، ولأن عالمك، كانا دومًا أكبر من عقل وعالم الجميع. لا زال الكثير منهما باق."
"أفضل أن أصبح عجوزًا لا أن أصبح كبيرًا. كل الكبار غاضبون، أما الصغار والعجائز هم فقط من يضحكون."
يقول لها: "كنتِ معي لغمضة عين". 
تضحك هي، "لقد كنت معك لعمرٍ كامل. عمري كله."
"لم يكن كافيًا".
"البشر سلالة غريبة؛ فخوفنا من التقدم في السن يفوق خوفنا من الموت".