الأحد، 30 يناير 2022

كي أعبر الشارع مطمئنة

لدي في حياتي ما يكفي من التجارب لأن أعرف أن الحب هو أصعب الاشياء على الإطلاق، ولا أعني هنا العلاقات العاطفية بالضرورة. أن تحب أحدهم لا يعني فقط أن تأمن بجانب من تحب، أو ألا تصبر على فراقه؛ فتلك الأشياء كلها تمر. المشقة تأتي عندما تقف مكتوف اليدين مشاهدًا سقوطهم في الهاوية. العجز هو أن تملك لا شيء غير المواساة. 

تقول أنيس نين إننا لا يمكننا إنقاذ من نحب. يمكننا فقط أن نحبهم. لا تعجبني سلبيتها، رغم أنها على الأرجح محقة. أنيس نين محقة دائمًا. أما رضوى عاشور فلها موقف أقل سلبية قليلًا؛ "لكل أولئك الذين أحبونا ولم نحبهم كما ينبغي، سلامًا طيبًا ووردة". لحسن الحظ، صادق مجبل يعبر في ديوانه البديع عن كل ما أعجز أنا عن التعبير عنه ببلاغة، فيصف كل غايتي في الحياة بقوله: "أريدك بخير كي أعبر الشارع مطمئنًا، وأدخل بيتي بفرح". وفي ظني، تلك هي أسمى صور الحب: أن تريدهم بخير، وحسب.

السبت، 29 يناير 2022

قبل أن تبرد القهوة: مراجعة

 

الكتاب: قبل أن تبرد القهوة
الكاتب: توشيكازو كاواجوشي
لغة القراءة: الإنجليزية، مترجم من اليابانية
صيغة القراءة: كتاب إلكتروني (كيندل)
التقييم: 4/5


أشعر أنني مدينة لنفسي (وللخمس أو ست أشخاص الذين يتابعون هذه المدونة لسبب لا أعلمه!) باعتذار، فأنا لم أحدث المدونة منذ فترة. لم أقم هذه المرة بعمل ملخص كتب العام الماضي كعادتي في بداية كل عام؛ يبدو أن 2022 قد بدأت معي بداية فوضوية بعض الشيء! 

على أي حال، وددت اليوم أن أتكلم عن آخر قراءات العام الماضي: كتاب ياباني غاية في اللطافة والرقة بعنوان: قبل أن تبرد القهوة. سمعت عن هذا الكتاب كثيرًا وأعجبني أن أحداثه تدور داخل مقهى. أحب جو المقاهي الصغيرة غير المتكلفة، وكلما وجدت نفسي في مدينة جديدة أحاول أن أزور عشوائيًا أحد المقاهي المحلية. أفتح حوارًا عشوائيًا مع الباريستا وأراقب أهل المدينة في حياتهم اليومية.

قهوتي من مقهى another milk، مدينة شتوتجارت، ديسمبر 2021

في "قبل أن تبرد القهوة"، تدور الأحداث في مقهى غير عادي؛ ففي ذلك المقهى يمكنك السفر عبر الزمن، ولكن بشروط معينة أهمها أن تعود إلى الحاضر قبل أن يبرد فنجان قهوتك، وبقاعدة عامة هي أنك لا يمكنك تغيير الحاضر بأي شكل من الأشكال. نتابع رواد المقهى، ونكتشف أن لكل واحد منهم أسبابه في السفر عبر الزمن، ونرى كيف تتضافر حياتهم جميعًا بسبب المقهى. 

هذه الرواية تجسيد حقيقي لكل ما هو ياباني: فنرى الواقعية السحرية التي اعتدنا اعتبار "هاروكي موراكامي" مرادفًا لها، ونرى أيضًا الغوص المألوف في مشاعر الشخصيات، لكننا أيضًا نرى رقة شديدة وتحفظ بالغ في التعاملات والحوارات بين الشخصيات، وأظنها انعكاس لطبيعة المجتمع الياباني ذاته.

فكرة الكتاب بديعة والكتابة جيدة حقًا، لكن الأحداث تدور ببطء نوعًا ما، وأشعر أنه كان من الممكن استغلال الفكرة الشيقة في نمط حكي أفضل وأسرع. 

اقتباسات:

"يتدفق الماء من الأماكن المرتفعة إلى المنخفضة. تلك هي طبيعة الجاذبية. المشاعر أيضًا يبدو أنها تسير على قوانين الجاذبية. عندما تكون في حضرة شخص ما يربطك به علاقة قوية، شخص تأمن على مشاعرك معه، من الصعب أن تكذب وتمر الكذبة هكذا. دائمًا ما تريد الحقيقة أن تتدفق إلى الخارج".

"بعد أن وضعت القهوة أمامها، أغمضت عينيها، ثم أخذت نفسًا عميقًا. كانت تلك لحظتها السعيدة".


*الكتاب متوفر الآن بالعربية تحت نفس العنوان: قبل أن تبرد القهوة.

الخميس، 6 يناير 2022

تدوينات صغيرة #20


استيقاظ في منتصف الليل. قهوة سادة. رغبة غير مفسرة في تدخين علبة سجائر في ساعة واحدة، مع أنني لا أدخن. لي نظرية في انجذاب الأشخاص لتدخين السجائر؛ أسميها النظرية الشاعرية للدخان. في تمرينات التأمل يخبرك المعلم بأن تأخذ نفسًا عميقًا وتتخيله يمر في جسدك كله، يغسل أوردتك وشرايينك وأوعيتك الدموية، ثم تخرجه ببطء وتتخيل معه خروج كل الطاقة السلبية عبر أنفك. أعتقد أن الدخان بإمكانه محاكاة نفس الصورة الشاعرية. باستثناء أنه يترك أثره على رئتيك. وقد يسبب أيضًا إدمان النيكوتين. ورائحته منفرة. حسنًا، وصلت الفكرة، الصورة الشاعرية ليست دقيقة علميًا بالضبط. الشعراء ليسوا أذكى الناس كما نعرف جميعًا.

 نافذة متصفحي تحمل نتائج بحث "أعراض الجلطة الدماغية"، وأخرى تنصح "كيف تتعامل مع مرضى السكري - النوع الثاني". النتائج بالإنجليزية، بالطبع، عشان محدش يضحك علينا. 

إحساس بالذنب تجاه كل شيء، لو مرت نملة مكسورة الساق في شارعنا لشعرت بالمسئولية حيال عبورها الشارع. ربما لن ينتهي ذلك أبدًا، ربما ينتهي غدًا. "عش اللحظة"، يقولون لك في كورسات تعليم اليقظة mindfulness، وأقول أنا "عش خارج اللحظة". أستمتع بكوب من فرابتشينو بالكراميل، عالي السكريات، بينما ينهار العالم من حولي. أعتقد أن بإمكاني الآن تدريس كورسات الـmindfulness، المدعومة بنظريتي الشاعرية عن الدخان.