السبت، 14 مارس 2020

أول أيام العزل الصحي الاختياري: رسالة إلى العام 2100

ربما لا يقرأ هذه المدونة الكثيرون، ولهذا فأنا لا أكتب لأي جمهور، مما يجعل مهمة الكتابة سهلة قليلًا. حسنًا، ربما يختلف الوضع اليوم: سأتخيل أن أحدهم في العام 2100 يقرأ هذه التدوينة.. هذا بالطبع إن قُدر للبشرية أن تصمد لهذا الوقت.

عزيزي القارئ المستقبلي في العام 2100، أهلًا بك. ربما عليّ التعريف بنفسي، فعلى الأرجح قد متُ منذ سنوات دون أن تسمع عني. أنا طالبة في العشرينات من العمر، مصرية عربية مسلمة. أدرس الآن في بلد بغرب أوروبا، وتحيط بي أجواء تشبه الروايات الديستوبية.

بعد أن أصبحت أوروبا مركزًا لوباء كوفيد-19، الناتج عن فيروس كورونا، أعلن رئيس الجمهورية في محل إقامتي إلغاء المدارس والجامعات إلى أجلٍ غير مسمى، كما نصح بالابتعاد عن أماكن التجمعات والحد من السفر لغير الضرورة. بالطبع، تأثر الجميع بالقرار، فأنا مثلًا اضررت لإلغاء بعض الخطط التي تتضمن سفرًا لمراكز الخطر الحالية.. مما كلفني مبلغًا لا بأس به من المال. أوه، على فكرة، أتمنى أن يكون السفر في العام 2100 قد أصبح أكثر مرونة وأقل تكلفة!

نبذة من خططي الملغاة. (كما ترى، عزيزي المستقبلي، في العام 2020 لا نزال نستخدم الأجندات الورقية لتخطيط يومنا)

اليوم، الرابع عشر من مارس 2020، نبدأ أول أيام العزل الصحي الاختياري، كما يُطلق عليه. ابتعت البارحة ما يكفيني من أساسيات الغذاء لمدة أسبوعين تقريبًا، استعدادًا لفترة غير معلومة من المكوث في المنزل. البروفيسور المسؤول عن دراستي هنا يقول إنه لا يعرف كيف يتصرف (لأول مرة أسمعه يعترف بقلة حيلته)، والناس هنا حذرة، لكنها ليست مصابة بالذعر (بعد).

عزيزي القارئ، في العام 2020 يخرج الناس لممارسة أعمالهم خمس مرات في الأسبوع على الأقل، ثم يخصصون عطلة نهاية الأسبوع للترفيه. لست معتادة على البقاء في حجرتي طوال اليوم، ولكن سأحاول أن أستغل هذه الفرصة للقيام بأنشطة طالما كنت أؤجلها بحجة الدراسة؛ كقراءة الكتب على قائمتي والتواصل مع بعض الأصدقاء القدامى، والكتابة لأشخاص أتخيلهم في المستقبل، مثلك أنت.

لعلك تسأل إن كنتُ قلقة، والإجابة هي نعم ولا. أنا أثق في رحمة الله أولًا وفي قدرة العلم على إيجاد العلاج ثانيًا. إنها مسألة وقت فحسب. ولكني قلقة بشكل أساسي على أهلي في مصر، فبالرغم من أن أوروبا هي مركز الوباء الحالي إلا أن الوضع في مصر قد يكون أسوأ. ربما يكون هناك تعتيم مُتعمد من المسؤلين في مصر، وربما هم  بالفعل يجهلون حجم المشكلة. لا نعرف بعد. بالمناسبة، كيف حال مصر في ثمانين سنة من الآن؟

عزيزي القارئ، كنت أتحدث مع صديقاتي هنا وقلت لهن أني كنت أود لو قضيت فترة العزل هذه مع أسرتي في بيتي بمصر، فردت علي إحداهن بأننا بالفعل كالأسرة هاهنا، وأظن أنها على حق. أنا بالفعل ممتنة لأسرتي الصغيرة هنا في أوروبا، ولم أكن لأصمد كل هذه الأحداث بدونهم. 

عزيزي القارئ، لا أريد أن أكون دراماتيكية، لكن الأوضاع الحالية تجبر المرء على التأمل. إن كان لديك فضولًا حول حياة شابة عشرينية في العام 2020، أريدك أن تعرف أنني في الربع قرن الأول من حياتي قد عشت حياةً حافلة، كما تتخيل، لكنها كانت جيدة حقًا. في العشر سنوات الماضية، تابعت ثورات الربيع العربي، رأيت النجوم من فوق جبل سانت كاثرين، زرت بيت الله الحرام وصليتُ في الروضة الشريفة، مات طائري الأليف المفضل، تخرجت في الجامعة، صنعت أصدقاءًا أصبحوا لي كالأخوة، انتقلت للعيش في قارة أخرى، عملت تحت إشراف مستشارة في وكالة ناسا، صافحت فائزًا بجائزة نوبل، استمعت إلى معزوفة لشوبان في محل ميلاده، جلست في غرفة تغيير ملابس أفضل فريق لكرة القدم في العالم، وفزت بمسابقة طبخ.

ولم تكن تلك حياة سيئة على الإطلاق.


الأحد، 8 مارس 2020

اليوم العالمي للمرأة: مشاهد من أفلام أحبها!

مرحبًا مرة أخرى. يحتفل العالم اليوم، الثامن من مارس، بعيد المرأة، وتختلف مظاهر الاحتفال من بلد للآخر.. هنا في محل اقامتي مثلًا دُعيت للمشاركة في تظاهرات مناهضة للعنف ضد المرأة، وفي بلدان أخرى يُخصص يوم التاسع من مارس إجازة رسمية لكل النساء العاملات. 

أحب الأفلام التي تتناول قضية المرأة. من أفلامي المفضلة في هذا النوع هي التي تتناول حياة المرأة الطموح الذكية، التي يحاول المجتمع أن يفرض عليها قالبًا لا يناسبها. وسواء كنتِ امرأة أو كنت رجلًا، هذه مجموعة من أفلامي المفضلة التي أعتقد أن على الجميع مشاهدتها.

1. An Education

شاهدت هذا الفيلم لأول مرة عندما كنت في الثانوية، أي في نفس عمر البطلة، وشاهدته مرة أخرى السنة الماضية كامرأة ناضجة (تقريبًا؟)، وفي كل مرة ينجح في تثبيت رسالة قوية: على الفتاة أن تكون لنفسها كل شيء. لن يأت فارس على حصان أبيض ليحقق أحلامها ويمنحها سعادة أبدية.
 في هذا الفيلم، تقع البطلة (كاري موليجان) في حب الرجل الخطأ. وكما هو متوقع في مثل هذه الحالات، بالطبع، تنقلب حياتها رأسًا على عقب؛ فبعد أن كانت طالبة مجتهدة تحلم بالالتحاق بأكسفورد، تتحول إلى متمردة ترغب في الاحتفال والرقص والسفر فحسب. هذه واحدة من الحوارات العبقرية في الفيلم، حيث تواجه ناظرة المدرسة بتمردها على النظام الأكاديمي وعلى الحياة التقليدية بشكل عام: 


2. The Intern

في إطار كوميدي لطيف، أقل دراماتيكية من الفيلم السابق، تلعب (آن هاثاواي) دور مديرة ناجحة لشركة ناشئة، وأم وزوجة مُحبة. توظف الشركة رجلًا متقاعدًا (روبرت دي نيرو)، فتنشأ صداقة لطيفة بين المديرة والموظف الجديد. الرسالة النسوية هنا تتجلى في هذا المشهد: تكتشف آن أن زوجها يخونها. وكعادة النساء في حالات الخيانة، تبدأ في إلقاء اللوم على نفسها، فتظن أن نجاحها المهني قد أدى للجوء زوجها للخيانة في سبيل إثبات رجولته. تفكر آن في التخلي عن نجاحها المهني في سبيل إصلاح الخطأ الذي ارتكبه زوجها، وهنا يمنحها (دي نيرو) رسالة ينبغي على كل امرأة أن تسمعها.


3. Mona Lisa Smile

لا يمكن أن نتحدث عن الأفلام النسوية بدون أن نذكر رائعة (جوليا روبرتس). في هذا الفيلم، تلعب جوليا دور أستاذة لتاريخ الفنون، تقبل وظيفة في كلية مرموقة للفتيات. تحاول جوليا أن تلهم طالباتها بأن يكون لهن طموح لخوض حياة استثنائية، بدلًا من الاكتفاء بخدمة زوج وتربية أبناء. (عليّ أن أوضح هنا: شخصيًا، لا أجد مشكلة في كون طموح بعض النساء ينحصر في الجانب العائلي والشخصي، طالما كان ذلك الطموح نابعًا من رغبتها هي. ولكني مع ذلك أعترض على رؤية المجتمع للمرأة ذات الطموح العملي كمتمردة على منظومة الزواج والتقاليد الأسرية). بالإضافة إلى ذلك، يتناول الفيلم أيضًا ديناميكية العلاقات بين الفتيات واختلاف وجهات نظرهن في هذا السن.
في هذا المشهد، نرى كيف تكون أكبر عدو للمرأة هي امرأة أخرى. من أعظم لقطات الفيلم عندما تواجه الأستاذة طالباتها، أذكى طالبات البلد، الذين لم يتقبلن رسالتها بشكل جيد:



4. الباب المفتوح

الباب المفتوح هو فيلم مصري مبني على رواية رائعة للكاتبة لطيفة الزيات. لما شفت هذا الفيلم لأول مرة وقرأت الرواية، أدهشتني كمية الأفكار التقدمية التي ناقشها في تلك الفترة من تاريخ مصر. الفيلم والرواية يطرحان قضية تمكين المرأة وتحرير الأمة في نفس الوقت، كم تمنيت لو كنت قد عاصرت تلك الفترة!
من أروع مشاهد الفيلم والرواية هو ذلك الخطاب الذي أرسله حسين لليلي من الخارج، ليؤكد لها إيمانه بها، وأن حبه لها لا يعني فقدانها لحريتها. هذا أيضًا من الأفلام التي على كل فتاة مشاهدتها.


لقراءة الخطاب نصًا: اضغط هنا.

أتمنى لكم يومًا سعيدًا ومشاهدة ممتعة!