الجمعة، 25 ديسمبر 2020

لماذا عليك أن تقرأ لإبراهيم أصلان

 من يعرفني جيدًا يعرف حبي لأدباء الستينات المصريين، وعلى رأسهم عمنا، عم الكل، إبراهيم أصلان. ورغم أن الكثير من أبناء جيلنا الآن يجهلونه للأسف، إلا أن للرجل أفضالًا عظيمة على القصة القصيرة والرواية المصرية. من العجيب أن نر أغلب الشباب يعرفون فيلم "الكيت كات" لمحمود عبد العزيز بينما يجهلون العقل العبقري صاحب الرواية الأصلية!

محمود عبد العزيز (الشيخ حسني) في فيلم الكيت كات

ولد أصلان في أحد قرى طنطا، لكنه عاش في القاهرة أغلب حياته، تحديدًا في امبابة والكيت كات، ومن هذه الأماكن استلهم أبرز أعماله، منها رواية "مالك الحزين" التي تحولت فيما بعد إلى فيلم "الكيت كات" الشهير. 

عمل أصلان كبوسطجي قبل احترافه للكتابة، ومن المثير للاهتمام أنه قد قابل الكثير من مشاهير الأدب والكتابة في المجتمع المصري أثناء عمله كموظف بسيط في البوسطة، قبل أن يشتهر ككاتب. 

عاش أصلان حياة بسيطة، حياة مصرية بامتياز. لم يكن أصلان قط ذلك الكاتب المتأنق ذو البذلة المهندمة والنظارة الشمسية السميكة والبايب الفاخر، بل كان دائمًا قريبًا من الشارع، يعيش فيه ويكتب عنه. في مؤلفاته دفء عجيب، وعندما أصفه بـ"عمنا" فذلك لأنني أشعر أمام كتاباته كأنني في حديث سمر مع عمي. فهو بسيط، دافئ، "مصري"، ولا يخلو من عمق.

يقول نجله إن أصلان أراد أن يصبح كاتبًا عندما قرأ قصة "موت موظف" لتشيخوف. أتدرون الآن لم أحب تشيخوف كثيرًا؟ 

وقيل عنه أيضًا: "كان بيكتب بالأستيكة مش بالقلم، من كتر ما بيمسح". في كتاباته نرى عبقرية الإيجاز (أيضًا كتشيخوف)، فكل لفظة مختارة بعناية، لا تزيد ولا تقل عن الضروري للتعبير عن المعنى. 

هذا وثائقي قصير شاهدته منذ قريب عن إبراهيم أصلان، أنصح به بشدة.


أحببت أن أتحدث عن أصلان اليوم لأنني قرأت "خلوة الغلبان" مجددًا هذا الأسبوع. خلوة الغلبان هي مجموعة مقالات، هي أقرب للذكريات والسيرة، كتبها أصلان بلغة سهلة عذبة كعادته، وبشعور من الحنين إلى الماضي لا تملك تجاهه إلا أن تبتسم.. رحمة الله عليك يا طيب.


اقتباساتي المفضلة لإبراهيم أصلان:

"لا يجب أن تتحدث عن الحب بل عليك أن تتحدث بحب، فكل النصابين يجيدون أحاديث الهوى... ولا يجب أن تتحدث عن العدل بل يجب عليك أن تتحدث بعدل لأنه لا يجيد الحديث عن العدل مثل الظالمين."

"كان حريصا على أن يختلي بي لكي يخبرني بأن على الواحد أن يعيش ويراقب ما شاء، شرط أن يحرص على بقاء مسافة بينه وبين الواقع، مسافة يأمن معها أن لا ينكسر قلبه. وأنا لا أنسى هذه الوصية لأنها، شأنها شأن الوصايا التي لا تنسى، قيلت في وقتها تماما، لم يقلل من قيمتها أن القلب انكسر فعلا."


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق