الجمعة، 10 يوليو 2020

لدي حبيبان: باريس ووطني

ليلة صيفية في باريس، حقيبة مليئة عن آخرها بالملابس والهدايا التذكارية للعائلة، وتذكرة وحيدة إلى القاهرة. أتمشى مع زميلة لي في المدينة التي سحرت الملايين، وأشكر الله لأنه سخر لي فرصة العيش على بعد بضعة ساعات من عاصمة النور، التي لا زلت أكتشفها مرة بعد الأخرى. 




نجلس في مطعم باريسي يقدم البيتزا الإيطالية بأيدي طهاة مغاربة. صديقتي حادة الطباع قليلًا؛ فسرعان ما تتشاجر مع النادلة لأنها لم توصِ على الزيتون كما اتفقتا. يتجادلان بالفرنسية رغم أن العربية هي اللغة الأم لكليهما. وكأي صديقة جيدة، أحاول أن أساند صديقتي في هذه المعركة المهمة. أضحك في سري قليلًا، وأهنئ نفسي على شجاري الأول باللغة الفرنسية. ولا يسعني إلا الإعجاب بصديقتي ومطالبتها بحقها في زيتون أكثر. أتسائل كم مرة رغبتُ أنا فيما هو أكثر، أفضل، أصدق، فلم أطالب به خجلًا وجبنًا. لا يضيع حق وراءه مطالب.

بعد العشاء نتمشى قرب Shakespeare and Co. وكنيسة نوتر دام. لا تفهم صديقتي الباريسية سر احتفاء السياح بمقهى شكسبير آند كو. قد يكون معها حق، لكن أنا معجبة تمامًا بالفكرة. 

أتفهم تمامًا لماذا وقعت جوزفين بيكر في حب باريس حتى أنشدتها تحفتها الخالدة J'ai deux amours. لدي حبيبان: باريس ووطني. 



أستمر في المشي مع الصديقة حتى أصل إلى فندقي قرب منتصف الليل. أودعها ثم أدخل الفندق لأتجاذب أطراف الحديث مع الموظف الخمسيني اللطيف في الريسبشن. يحضر لي كوبًا من الشاي المساعد على الاسترخاء، رغم تعليمات الفندق بمنع تقديم المشروبات للضيوف كإجراء احترازي ضد الفيروس. نتحدث بالفرنسية قليلًا ثم أكتشف إنه إسباني من جاليثيا، فأخبره بأنني زرت هذا المكان منذ ثلاث سنوات. أحدثه بإسبانية ركيكة، وبعد قليل أكتشف أيضًا أنه يعرف بعض الكلمات العربية. يا له من عالم صغير! 

أصعد إلى غرفتي لأنهي كوب الشاي. أستسلم لنوم عميق لأستعد لرحلتي غدًا، حاملة في قلبي الكثير من الامتنان لباريس على ليلة لا تنسى.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق