الجمعة، 26 يونيو 2020

أخف من الهواء: مراجعة




الكتاب: أخف من الهواء
المؤلف: فيديريكو جانمير
لغة القراءة: العربية، مترجم من الإسبانية
صيغة القراءة: كيندل
التقييم: 4/5

انتهيت للتو من ثاني قراءات أدب أمريكا اللاتينية، هذه المرة برواية خفيفة من 176 صفحة فقط. 

فيديريكو جانمير هو كاتب أرجنتيني معاصر، ولد في 1957، وشغل منصب أستاذ الآداب في جامعة بوينوس آيرس. صدر له عدة روايات، أشهرها "أخف من الهواء"، ولكن يبدو أنها لم تترجم إلى الإنجليزية بعد!

لا أستطيع تحديد مشاعري حول هذه الرواية، لكن يمكنني القول أنها فاجأتني. الفكرة نفسها جديدة؛ فلدينا لص عمره أربعة عشر عامًا يحاول السطو على منزل عجوز وحيدة في الثلاثة والتسعين. ما الذي يمكن أن ينتج من هذا اللقاء الغريب؟ ليس خير على كل حال. 

أسلوب السرد في الرواية يعتمد على حوار العجوز والصبي، ولكننا نقرأ ما تقوله العجوز فقط، فهو حوار من طرف واحد. ربما هناك بعض الرمزية وراء هذا الأسلوب؛ فلعل الكاتب أراد أن ينقل لنا أن هناك طرفين لأي حكاية، وحكايتنا هذه من طرف واحد مما يزيد من فرص سوء التفاهم. وربما أراد أن يرمز إلى أن الكبار لا يستمعون إلى الصغار على أي حال. أو ربما أنا فقط أبالغ في تحليل الأمور! لكن ما أنا على يقين منه هو أن الأسلوب الذي اعتمده الكاتب هنا لم يكن سهلًا، وقد أجاد استخدامه بصورة ملفتة.

لنعد إلى الحبكة: تفشل محاولة الصبي للسطو على المنزل، وتنجح العجوز في حبسه في حمامها الذي لا يحتوي على نوافذ. تعد العجوز أن تطلق سراح الفتى بشرط واحد: أن تقص عليه حكاية أمها، فهي لم تقصصها على أحد. ولكن تتعقد علاقة الاثنين في أثناء ذلك، ونكتشف ديناميكية مثيرة للاهتمام بينهما مع مرور الوقت. 

تناقش الرواية كذلك قضايا ثقيلة. تخيل أن تتعلم عن نظرة الرجال والنساء للحب على حد سواء، من منظور مراهق وعجوز تسعينية! بالإضافة إلى أسئلة من الصعب الإجابة عليها: فهل يحق لك مثلًا مساعدة شخص يرفض مساعدة نفسه؟ هل يحق لأي إنسان التدخل في اختيارات الآخر إن كان يراها كارثية؟ قد يفني المرء عمره محاولًا إنقاذ أحدهم من حماقاته. وأيضًا، هل تختلف الإجابة على هذه الأسئلة كلها في حالة كون ذلك الشخص قاصرًا؟ 

لا تقدم الرواية حلولًا لكل هذه التساؤلات، بل هي فقط تُسلط الضوء عليها، وهذا يكفي وكتر خير الدنيا. فكما قال تشيخوف: دور الأديب هو أن يطرح أسئلة، لا أن يجيب عليها. 

الرواية مُحملة بالكثير من العواطف القوية، وإن كانت فكرتها بسيطة. لهذا أقول إنها صادمة بل وقاسية قليلًا. أحببت النهاية غير المتوقعة، واضطراب مشاعري تجاه العجوز في النهاية. 

اقتباسات


"تجريد أحدهم من كل شيء، أو افتراض أن أحدهم قد جرد من كل ما يملكه ليس أمرًا جيدًا، فبوجه عام كلما نجحنا في هذا، أو افترضناه، فإن الشيء الوحيد الذي نحققه على المدى الطويل هو نقيض ما كنا نصبو إليه، وهو أن ذلك الآخر سيبدأ في الدفاع عن نفسه، والخطر كل الخطر أن يبدأ أحد في الدفاع عن نفسه".

"الحرية يا بني ترتبط تماما بمفهوم الملكية. يشعر المرء بحريته إذ يمتلك، حينما يمتلك ما رغب فيه عمره كله، من كل قلبه، سواء كان هذا الشيء روحيا أو ماديا. للفلاسفة أن يقولوا ما يريدون عن الحرية، لكن الحقيقة الوحيدة هي أنها امتلاكنا لشيء رائع أو حلم عظيم، وما دون هذا ليس إلا كلام فارغ وحماقات."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق