الأحد، 10 نوفمبر 2019

خطاب قائد قبيلة من الهنود الحمر لرئيس الولايات المتحدة الأمريكية


كنت أتناقش مع زميلة لي قضت الست سنوات الأخيرة في الولايات المتحدة. بدافع فضولي عن السكان الأصليين لأمريكا الشمالية، "الهنود الحمر"، سألتها عن أوضاعهم هناك، فقرأت عليّ هذا الخطاب التاريخي للقائد سياتل. 

القائد سياتل هو رئيس قبيلة من الهنود الحمر عاشت على جزيرة بوجيت. كان سياتل قائدًا شجاعًا، واحتفظ بعلاقات طيبة مع السكان البيض للولايات المتحدة. النص التالي هو خطاب من المعتقد أن القائد سياتل قدمه في ديسمبر 1854. مع ذلك، وجب التنبيه أن هناك الكثير من الجدل حول هذا الخطاب؛ حيث أنه طُبع لأول مرة وانتشر في سبعينات القرن الماضي. لذلك، يرجح الكثير من المؤرخين أن الخطاب هو من نسج خيال أحد المدافعين عن القضايا البيئية. على كل حال، وجدته جميلًا ومؤثرًا، فقررت أن أنقله لكم:

"يرسل لنا الرئيس من واشنطن مُعلنًا رغبته في شراء أرضنا. لكن كيف يمكنك بيع أو شراء السماء؟ أو الأرض؟ تلك الفكرة غريبة بالنسبة لنا. إذا كنا نحن لا نملك طراوة الهواء ولا بريق المياة؛ فكيف يمكنه شرائهما؟

بحيرة مورسكي أوكو، سلسلة جبال التاترا، على الحدود البولندية - السلوفاكية

إن كل جزء من الأرض مُقدس لشعبي. كل إبرة لامعة لأشجار الصنوبر، كل ساحل رملي، كل حبة من الندى في الغابات المظلمة، كل روضة زاهية، وكل حشرة طنانة. جميعم مقدسون في ذاكرة وتجارب شعبي.

نحن نعرف العصارة التي تجري في الأشجار كما نعرف الدم الذي يجري في عروقنا. نحن جزء من الأرض، وهي جزء منا. الزهور العطرة هي أخواتنا. الدب، الغزال، النسر العظيم، كل هؤلاء هم أخواتنا. القمم الصخرية، والمروج الندية، وحرارة جسد المهر الصغير، والإنسان: جميعهم ينتمون إلى نفس العائلة.

المياة اللامعة التي تجري في الجداول والأنهار ليست مجرد مياة، بل هي دماء أجدادنا. إن بعنا لكم أرضنا، يجب أن تتذكروا أنها مقدسة. كل انعكاس لامع في المياة العذبة للأنهار يحكي أحداثًا وذكريات من حياة شعبي. صوت خرير الماء هو صوت همس جدي.

الأنهار هي أخواتنا، وهي تطفئ ظمأنا. هي من تحمل قواربنا وتغذي أبنائنا. لذا، فعليكم أن تقدموا للأنهار نفس العطف الذي تقدمونه لأخواتكم. 

إن بعنا لكم أرضنا، تذكروا أن الهواء ثمين بالنسبة لنا، وأنه يشارك روحه مع كل صور الحياة التي يغذيها. الريح التي أعطت جدنا أول أنفاسه، هي نفسها التي استقبلت آخر تنهيداته. الريح كذلك هي من أعطى لأطفالنا روح الحياة. إن بعنا أرضنا، يجب أن تحفظوها حيث تكون مقدسة، فتظل مكانًا يلجأ له الإنسان ليستمتع بطعم الريح المحلاة بأزهار المروج.

هل ستعلموا لأبنائكم ما علمناه لأبنائنا؟ أن الأرض هي أمنا؟ ما يقع على الأرض يقع على جميع أبنائها. 

هذا هو ما نعرفه: الأرض لا تنتمي للإنسان؛ بل هو من ينتمي إليها. كل شيء متصل بالآخر، كالدم الذي نشترك فيه جميعًا. لم يحيك الإنسان نسيج الحياة، بل هو مجرد خيط رفيع فيه. أيا ما يفعله في النسيج، يقع عليه ذاته في نهاية الأمر. 
خريف وارسو


شيء واحد نعرفه: إلهنا هو أيضًا إلهكم. الأرض ثمينة لديه، وإيذاؤها يعني ازدراء خالقها. 

إن مصيركم لغز بالنسبة لنا. ماذا سيحدث عندما يُذبح كل الجاموس؟ عندما تُروّض كل الأحصن البرية؟ ماذا سيحدث عندما تزدحم الأركان السرية للغابة بروائح الناس؟ عندما يُحجب منظر التلال بأسلاك الهاتف؟ إلى أين ستذهب الأدغال؟ ستزول! إلى أين ستذهب النسور؟ سترحل! وماذا يعني عندما نودع المهر السريع ونبدأ ممارسة الصيد؟ سيعني ذلك نهاية العيش، وبداية محاولة النجاة.

عندما يرحل آخر رجل من الهنود الحمر مع زوال هذه الحياة، وعندما تصبح ذكراه محض ظل سحابة عابرة فوق المروج، هل ستبقى هذه الشواطئ والغابات؟ هل سيبقى أي جزء من روح شعبي؟

نحن نحب هذه الأرض كما يحب الرضيع نبض قلب أمه. لذلك، إن بعنا لكم أرضنا، أحبوها كما أحببناها. اعتنوا بها، كما اعتنينا. احفظوا في عقولكم ذكرى الأرض كما تسلمتوها. احفظوا الأرض من أجل كل أبنائها، وأحبوها، كما يحبنا الله.

بما أننا نحن جزء من الأرض، كذلك أنتم أيضًا. هذه الأرض غالية لدينا. هي أيضًا غالية لديكم.

هناك شيء واحد نعرفه: هناك إله واحد. لا إنسان - لا من الهنود الحمر ولا من البيض - يمكنه العيش وحيدًا. نحن كلنا أخوة في نهاية المطاف."

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق